رواية قصيرة عبقرية وملهمة بقلم هربرت جورج ويلز، وقد نشرت لأول مرة في عدد أبريل 1904 من مجلة ستراند، وأدرج عام 1911 في مجموعة من القصص القصيرة لويلز بعنوان بلد العميان وقصص أخرى، وهي إحدى أشهر قصص ويلز القصيرة، وتحتل مكانة بارزة في الأدب الذي يتعامل مع العمى.
أحداث القصة :-
فر مجموعة من المهاجرين بأنفسهم من السلطات عبر جبال الإنديز ، ولكن حدثت انهيارات صخرية كبيرة في جبال الإنديز عزلت هؤلاء القوم في وادٍ بعيد عن بقية العالم ، فعاشوا به إلى أن انتشر فيهم مرضٌ غريب أصابهم جميعًا بالعمى ، وقد فسروا ذلك بكثرة الخطايا التي ارتكبوها .
وهكذا ظل هؤلاء القوم يعيشون جيلًا بعد جيلًا في ذلك الوادي البعيد، وهم يتوارثون العمى ويورثونه إلى أبنائهم ، إلى أن ساقت الأقدار المستكشف البريطاني نيونز ، وهو خبير في تسلق الجبال كان في رحلة استكشافية مع مجموعة من الأصدقاء ، ولكن لسوء حظه انزلقت قدمه وسقط من أعلى إلى ذلك الوادي النائي.
حتى ظن أصحابه أنه مات ، فلم يكونوا على علم بوجود وادي العميان الأسطوري ، لكنه لم يمت وسقط على وسادة من
الثلج أنقذت حياته ، وحينما بدأ المستكشف الغريب المشي في ذلك الوادي رأى مدينة مبنية بشكل غريب ، يخلو من التنظيم وألوان بيوتها فاقعة ومتعددة ، وتخلو من أي نوافذ فتعجب من ذلك .
واكتشف أن تلك المدينة التي يسير بها هي مدينة للعميان ، فأخذ يخبرهم عن نفسه ومدينته التي جاء منها، وأن الناس فيها مبصرون فتعجبوا ماذا يقصد بالبصر ، فحاول إفهامهم ولكن دون جدوى، ظنوا أنه مجذوب يهذي حدثهم كثيرًا عن جمال الدنيا وتنوع الألوان وحاول وصفها لهم ، ولكنهم لم يستمعوا له واتهموه بالجنون .
وبعد أن فشلت كل محاولاته بإقناعهم أنه الأفضل ، ويمتلك ما لا يمتلكون قرر الهرب ولكن فشل فعاد إليهم معتذرًا وأنكر كل ما قاله عن البصر حتى يسامحوه ويسمحوا له بالعيش معهم ، فصفحوا عنه بعد أن قاموا بجلده ثم كلفوه ببعض الأعمال.
وفي هذا الوقت بدأ قلبه ينبض بالحب لفتاة جميلة من العميان ، لكن على عكس نظرته كانت نظرة العميان ، فقد كان يعتبرونها قبيحة جدًا لأن أنفها مدبب وأهدابها طويلة ، وحينما تقدم الشاب للزواج من والدها وقع الأب في حيرة ، أيزوجها من ذلك المجذوب الذي يعد في مرتبة أقل منهم جميعًا، أم يترك ابنته القبيحة دون زواج !
لذا طلب رأي الحكماء في ذلك ، فجاء رأيهم قاطعًا أن الفتى لديه عضوين غريبين بوجهه يقعان فوق أنفه ، هو يسميهما العينين وهما من أتلفا عقله ، لذا يجب نزعهما حتى يصير الفتى كاملًا عاقلًا مثلهم ، وبعدها يمكنه أن يتزوج الفتاة .
بالطبع رفض الفتى أن يضحي بعينيه في البداية وملأ الدنيا صراخًا ، ولكن الفتاة التي تحبه ارتمت بين أحضانه وأخذت ترجوه أن يفعل ، وهكذا أصبح العمى هو شرط الزواج واكتمال المواطنة في ذلك المجتمع النائي .
فرضخ الشاب وخرج لأخر مرة يودع العالم الساحر بجماله ، وأنهاره الزرقاء ووديانه الخضراء ، وسطوع شمسه الصفراء ولكنه توقف لبرهة، كيف يفقد هذا كله من أجل فتاة .. كيف ولماذا أقنعوه أن البصر شيء لا قيمة له برغم أن هذا خطأ اتجه إلي حاجز الجبال حيث توجد مدخنة حجرية تتجه لأعلي، وقرر أن يتسلقها وعندما غربت الشمس كان بعيدا جدا عن بلد العميان. نزفت كفاه وتمزقت ثيابه لكنه كان يبتسم، ورفع عينيه وراح يرمق النجوم وأخذ يفكر في كل شيء فانتصر بداخله حب الحياة وقرر الهرب للمرة الأخيرة ، وبالفعل استطاع فعل ذلك ونجا بنفسه بعيدًا عن مدينة العميان.
هربرت جورج ويلز
بلد العميان