تحت المجهر/ الحلقة الأولى
سلسلة مقالات تتناول بالدراسة أدعياء المهدوية والسفارة قديماً وحديثاً
جماعة السفارة في البحرين
اعداد: هيأة التحرير
ظهرت جماعة السفارة في البحرين وأطلق عليها أيضاً (باب المولى), حيث ادعى شخص اسمه _عبد الوهاب البصري_ في سجن (جو تياران) في المنامة/ البحرين انه يتصل بسفير الإمام المهدي عليه السلام في المنام, وانه يتلقى الأوامر والنواهي عنه, وقد نشطت هذه الجماعة أثناء انشغال الناس هناك بأحداث التسعينات وكثرت جماعتهم _وقد ركزوا في دعوتهم على النساء وخصوصاً الثريات منهن_.
تعتمد دعوة عبد الوهاب البصري على الرؤى، وفحوى تلك الرؤى انه أي عبد الوهاب البصري كان يرى الإمام الحجة عليه السلام, وبعد فترة من تلك الرؤى ادعى ان الإمام المهدي عليه السلام اخبره انه لن يأتيه في المنام, وانه سيبعث له (السفير الثالث) الحسين بن روح النوبختي قدس سره ليكون حلقة وصل بينه وبين الإمام عليه السلام وكان يأتيه كما يزعم في هيئة السيد هادي المدرسي.
من ادعاءات هذا المبتدع ان الإمام الحجة عليه السلام يبعث عصفوراً يراقب جماعته اسمه (فرقد), وانه ينقل له ما يحدث بينهم, فاخذ البعض يصمت حينما يرى أي عصفور, وعندما يناقشه شخص أو يعارض يغضب ويدعي بأن هذا الشخص قد أغضب الإمام الحجة عليه السلام وانه يحاربه.
وكان لهذا المدعي شخص يعاونه اسمه جلال القصاب.
مؤسس جماعة السفارة في سطور:
عبد الوهاب حسن احمد البصري (البحريني), حفلت حياته بتاريخ متناقض مضطرب, يثير الشكوك والشبهات والغموض, فقد رحل في أول عهده إلى إيران لتعلم العلوم الدينية, حيث كان محسوباً على التيار الشيرازي, وبقى هناك عدة أشهر باسم مستعار هو (تحسين) ثم رحل منها إلى موسكو, ثم توجه إلى الهند لتعلم السحر وفنون الشعوذة, وبعدها إلى أحدى الدول الأوربية لتعلم اللغة الانكليزية, وتوج رحلاته تلك في البحرين بعنوان مناضل تارة, وسفير للإمام المهدي عليه السلامتارة أخرى.
يقول احد الملازمين له: (عبد الوهاب شخصية عادية جداً, ولا يملك سجلاً دينيا أو حركياً حافلاً, وكان كثير التحدث معنا عن ماضيه غير الإيماني, وكنت اسمع منه أثناء ممارستنا المشي في حارة السجن بعض قصص عن ماضيه, وكان من القصص التي ذكرها هي دخوله لنادي العراة في الهند التي تشارك فيه نساء عاريات, وان عبد الوهاب قد اخذ دروساً في فن قراءة الفنجان وقراءة الكف, وكان قد ذهب للاتحاد السوفياتي وكانت له تجربة مع الفكر اليساري).
وكان عبد الوهاب متواضعاً في قدرته الفكرية والثقافية والأدبية, وحتى في مراقي التدين فهو لا يملك في ذلك قدماً راسخة.
من مدعيات جماعة السفارة:
بعد خروج تلك الجماعة من السجن خرّجوا بدعتهم على مسألة اللطف الإلهي, وانه يقتضي ان يتكامل عباد الله سبحانه وتعالى ليصلوا إلى الدرجات العالية من الكمال البشري, فلابد من ان يجعل الله تعالى ما يقربهم من الوصول إلى ذلك, ولا يصلون إلى ذلك إلا بأن يعين المولى الإمام عليه السلام باباً له, ليطلع الناس على الحقائق من اجل الإعداد للظهور, وهذا الإعداد يسمّونه بالظهور الأصغر تمهيداً للظهور الأكبر, وهو ما يقتضيه الوصول إلى الكمال, وبالتالي يستغنى عن الفقهاء, لأن الفقهاء يعيشون مرحلة الحكم الظاهري, وان العيش في فترة الحكم الظاهري قد انتهت بظهور (باب المولى) الذي يرجع للإمام عليه السلام مباشرة, ويكون الإمام عليه السلام حينئذ ظاهراً ظهوراً أصغر.
وعليه فلابد من الرجوع إلى باب المولى المعين _كما يزعمون_ وعلى هذه الفكرة قامت جماعتهم.
ولديهم بعض الأفكار الأخرى مثل:
١. ان الشفاعة تنال حتى ممن سرقوا أو زنوا أو عصوا.
٢. عمموا فكرة ان لا يمكن لأحد ان يكذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام فاستخدموها دليلاً على صدق دعوى عبد الوهاب البصري.
٣. الإيمان بقضية الجزيرة الخضراء, ومثلث برمودا, الأطباق الطائرة, وإنها إرهاصات لخروج الإمام الحجة عليه السلام.
٤. الاعتقاد بأنهم الصفوة, وإنهم نالوا درجة أو منزلة ارفع مما ناله أنصار الإمام الحسين عليه السلام وإنهم حملة اللواء الاول لراية المهدي عليه السلام.
٥. وعندهم ان الغاية تبرر الوسيلة.
وغيرها من التفاهات الكثيرة.
تقول رابحة الزيرة, وهي من الناشطات في الحركة: الفقهاء موجودون منذ أيام الإمام الصادق عليه السلام حيث قال عليه السلام: (من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه), ولم يكن ثمة تعارض مع وجود المعصوم عليه السلام فكيف بالتعارض حال غيبته, لذلك لا نجد ازدواجية أو إشكالية بين تقليدنا لفقيه وطاعتنا للإمام عليه السلام, بل لم يجد الفقهاء والذين اتصلوا به عليه السلام تعارضاً بين دورهم كفقهاء وبين دورهم كأشخاص مسددين في قضية أو اكثر.
وتقول أيضاً: (ان القول برؤيته (أي الامام عليه السلام) أو الإيمان بذلك, وانا رأيناه ليس بشيء نرجع فيه إلى الفقيه..)
وتقول أيضاً: لو خرج علينا ابن طاووس أو الشيخ المفيد قدس سره وقال انه قد رآه فهل ستصدقه الناس ام ستصرخ في وجهه: سفيه, زنديق.
جماعة السفارة تعاود نشاطها من جديد:
عاودت جماعة السفارة الظهور مجدداً بعد ان خمدت قضيتها منذ تسعينات القرن الماضي, وذلك بعد نشاط محموم تقوده (جمعية التجديد الثقافية).
مع ان سفير البدعة عبد الوهاب البصري الذي اختفى عن الأنظار كان قد عدل عن كل ما ادعاه حيث قال من بعض ما قاله بهذا الصدد:
( اقر بأني ادعيت الرؤى على الإمام عليه السلام ونوابه الأربعة قدس سرهم ولم اكن حينها اعلم بأن الرؤى والأحلام لا يترتب عليها الاثر الشرعي, ولكن بعد التقائي بالعلماء الإعلام واقتناعي بأن الرؤى والأحلام لا يترتب عليها مثل هذا الاثر, ولا يجوز التعويل عليها في دين الله, وقبل خروج السفياني والصيحة لا يمكن ان تقبل عليه عليه السلام, أو عن نوابه (قدست أسرارهم) لكونهم ليسوا على قيد الحياة.
فاني أعلن: بأني قد نفيت عن نفسي كل ذلك في محضر حضرة الإعلام الأفاضل, وانا بريء من كل من يحاول ان يعمل بمقتضى هذه الرؤى).
وكان العلماء الاعلام قد قالوا قبل ذلك إنهم يعتقدون كذب هذه الدعاوى ويحذرون المسلمين قاطبة من الانخداع بها والاستجابة اليها, وانها من اكثر البدع اضراراً بالدين وزعزعة لقيمه الرفيعة في النفوس.
وان المصرّ عليها مبدع ضال مضل, على المؤمنين ان يجتنبوه..»
التقييم التقييم: